ذخائر عكسية .
الكاتب / عائض الأحمد
لا غرابة أن يربينا الأنذال كما ربينا الأكارم ذات النفس وذات الوعاء حملهما معا ولكن هل كان يعلم أيهما صالح وأيهما طالح، فكذلك الأوطان حينما تزرع خناجرها المسمومة في حزامها، لم تعلم بأي خنجر قد تُصاب، عجبت كغيري من البشر هذه الاستماتة على مناقشة قضايا الآخرين والتحزب لها وكأنها شأن داخلي والأكثر غرابة موقف هؤلاء الشباب من ناقة البسوس، وإلى أيهما التحزب، حتى وصل الأمر بينهما إلى شتائم، عُدتُ معها إلى قاموس اللهجة المحلية لفك طلاسهما وإذا به يعني ابن النعجة الكسيحة.
فتذكرت كل هذه النعاج التى نسرح ونمرح معها صباح مساء تأكل الأخضر وترمينا باليابس وقتما تشاء.
يقول أحد حزبيي "الحرية" لماذا تلتزم بنظام بلدك وأنت تعيش في كفن منذ ولادتك، ولماذا تصمت على ذل لم يخلقه أحد بل جنته افعالك، نعم افعالك، ربما أعلم مايريد قوله، ولكن ان سألته ومن أنت حتى تصدح وتعلن على بلدك وحرية قومك، تُحرم وتُحلل وتُهلل وتُكبر، ثم تتواري كاطفال الشوارع في وقت الشتاء، وتحتمي بجدار اسمنت لم تنفق عليه درهم واحد.
من نصبك وعلمك الحمق لتهدم ستار منزلك وتسفه أفكار من سبقك كفاح ونضال وشرف، بقول كلمة الحق وصوت الوطن وليس التسبيح بحفنة " رز" وقبضة "شعير".
يتنادوا زُرافات وَوُحدانا يأكلون مالذ وطاب ثم يأتون باحاديث لم ينزل الله بها من سلطان تخاريف تخمة اصابتهم في عقولهم فاسهلت بها ألسنتهم حُمقا يسابق تفكيرهم.
يقترح أحدهم بردم أجزاء من البحر ليوسع مشروع زراعة البطيخ بما أن الأراضي الزراعية وكما يقول أصبحت من الماضي الغريب في الأمر بأن هذا الرجل مهندس زراعي وعمل سنوات لم يتعلم منها غير الأفكار الشاذة والمناداة بها، أمثال هؤلاء يقسمك إلى نصفين أحدهم يشدك إلى الحضيض والأخير يطير بك إلى عالم الواقع المر في أسفار "الكيف".
وفي غفلة من امرنا يأتيك هذا المهاجر المبتهج متحدثا بين العربية والإنجليزية الركيكة ، وماذا بعد دخول عالم الحرية وانفتاح الأخلاق معتقدا بأن هذه نهاية أحلامه ومنتهي مراده، لم يقل لك كم سمع من لفض عنصري وكم طبق غسل وكم يوم نام في صقيع البرد دون نظرة عطف أو حنية "ديمقراطي".
لم تكن مبالغة ابداً وأنت تشاهد سيدة وقورة كما تقول عاشت عمرا في أحضان الحياة الغربية، تنقل تجربتها من داخل جدران منزلها وكلنا يعلم بأنها أبعد عن السياسية والعمل المدني كبعد محدثكم عن من اسدى نصحا لأحد، فما بالك بانتقاد دول عظمي تسير في ركب نظام عالمي جديد ؛ البقاء فيه لصناعة العقول وليس للتنظير ودخان السجائر يغطي رؤوسهم واقداح القهوة تفوح في أرجاء المكان، سبحان من خلق الألسن وصم الأذان وأغلق حناجر أهل البلد الحقيقيين.
يتسأل ابن قريتي "مسعود" ومن اتى بك إلى هؤلاء لتشنف آذاننا وتمرغ أعيننا بقراءة هذا؟ حق النعمة ياأخي، أتيت لأكل أوليست النعمة مقدمة على مثل هذا.
ختاما: إن كان نقدك للإصلاح فابدأ بنفسك رعاك الله.
ومضة:
الندم وجه الفرح الآخر والبهجة غطاء زائف أن لم يتبعه عمل مخلص.
يقول الأحمد:
لا شئ يعادل وطن مستقر أمن.