رواية حلم
الكاتب / مبارك محمد القحطاني
صادفت صديق منذ مدة لم أره في طريقي وأخذنا بعضنا بالأحضان وبعد السؤال عن أحواله قال لي اقول لك حكاية طريفة حصلت معي قلت هات ما عندك خلنا نستمتع في هذا الجو البديع ورذاذ المطر يرش علينا ونحن بقرب مقهى فأخذنا مقاعدنا على طرف وطلبنا شاي وبدأ في حكايته قال كنت عابر سبيل طريق غير طريقي المعتاد إلى مكاني ومختلي بأفكاري وهواجسي وأفكر في دنيا تغيرت ومعي صديق العمر وفجأة رأيت من أعاد شريط الذكريات إنسانة مررت بها ووقفت أتأمل حياتي في نظرات عينيها وسبحت في خيال عميق وهي مطأطأة برأسها في الأرض ولم تنبس ببنت شفة بل ضلت واقفة لترى ما يكون من هذا الانسان الذى وقف في طريقها ويتأمل قسمات وجهها من غير شعور ولم أفق إلا ومرافقي يصحيني بقوله ماذا بك وماذا حصل لك؟ حتى تقف في طريق المرأة لقد أخجلتها يا صديقي بنظراتك المريبة والغريبة فقلت لا تبعثر أوراق المجروح وتزيده لوعة فلقد مرت على سحنات هذه المرأة في مقدم شبابي وكانت أول حب في حياتي وهي تشبهها كليا بالقوام والشكل حتى حسبت أنها هي أو تقرب لها ومضيت وأنا ألملم جروحي بين جنبي متوكأ على عصاتي مستغرقا في شعور لم أحس به من قبل ورأيت الشباب يتجدد في عروق المشيب ويصحح من مساراته القديمة ويهمز بها في أذني القدر الذى أماط اللثام شئ دفين في جوارحي وأسدل عليها ستار الشوق بظلاله والزمن فكانت لحظات جميلة استغرقت ثواني في حساب الزمن الجميل فسارعت الخطى مبتعدا عن حالة اللاوعي إلى الوعي بفقدان هذه اللحظات الجميلة وكنت اتمنى لو تطول هذه اللحظات حتى ارتوي من ظمأ السنين وألتفت على كلمة صديقي الذى سأل عن أحوالي فقلت له دعني الأن أسترجع الماضي الجميل ولحظاته وأستحضر وقت مضى ماذا بقي لي منه فساعات الحظ لا تعوض دائما فكنت في وقت مضى سعيدا بحياتي لاهيا في ملذات الحياة الكثيرة وتعرفت على بنت بالصدفة في أحد الأسواق وتعرفت على أسمها وعائلتها بعدما تبعتها إلى بيتها بدون أن تحس بي وعرفت أسمها وأسم عائلتها وبعد فترة من الزمن خطبتها وأعلنا الخطبة وكانت مراسيلنا عبر أمرأة تعمل سكرتيرة في شركة والدي وهي من تنقل مراسيلنا وتوطدت العلاقة بشكل غريب لدرجة الحب العذري الذى تسمع عنه فلم نلتقى بعد تلك الصدفة ولكن أتت الظروف بما لا تشتهي الأنفس فلما سمع أبن عمها بتلك الخطبة وهو يعمل في منطقة بعيدها حضر وتقدم لوالدها قائلا أنا ابن عمها وأحق بها من الغريب وحصلت الخطبة والزواج وصدمت في قلبي وحبي وقررت السفر لكي ابتعد عن هذا الجو المغبر والمكفهر في وجهي بعدما تخيلت أن الدنيا بدأت تتجمل معي وسافرت تاركا حبي تلعب به الرياح والافكار الكثيرة والتي استغرقت مني وقتا طويلا للنسيان هذه بعبارة قصيرة ومبسطة يا صديقي العزيز هي قصة هذه المرأة الأجنبية التي وقفت أمامي وفي لحظات السعادة وغمرة الأحداث أفقت على من يصحيني من النوم قائلة" سوف تتأخر على موعد الدوام وهي أم العيال توقظني وأخذت برهة ألتقط أنفاسي وأراجع نفسي فهل هذا حلم أم واقع ولكنه كان حلما لذيذا وجميل في نفس الوقت وأخذت لي وقت وأنا أحاول أتذكر ملامح المرأة في الحلم ولكنه تلاشي مع باقي الحلم فكان الحلم مغايرا للواقع جملة وتفصيلا. وهذه هي قصة طرفتي يا صديقي فهل يا ترى يجود الزمان بها وبرؤيتها حقيقة أم مجرد حلم عبر مع الزمن الغابر .