.

الأحد, 13 سبتمبر 2020 08:53 صباحًا 0 850 0
دور الصحابة رضي الله عنهم في تبليغ الرسالة والدعوة إلى الله
دور الصحابة رضي الله عنهم في تبليغ الرسالة والدعوة إلى الله

دور الصحابة رضي الله عنهم في تبليغ الرسالة والدعوة إلى الله

 

د.عبدالله معيوف الجعيد


لا يخفى على أحد مكانة الدعوة إلى الله وأهميتها في ديننا، فقد أعلى الله مكانة القائمين على الدعوة وجعلهم أحسن الخلق وأرفعهم مكانة بين الناس، وقد قال عز وجل في كتابه: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، ولعظم هذا المعنى وجلالة قدره فقد اصطفى الله من عباده أشرفهم ليقوموا عليه وهم الأنبياء عليهم السلام وكان آخرهم رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ولما كانت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم للناس كافة كان دور أصحابه في حمل رسالته أعظم وأكبر، فبعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام أخذ صحابته الكرام على عاتقهم دور الدعوة إلى الله وحمل رسالة الحق ونشرها في كافة الأمم والأمصار، وكانوا رضوان الله عليهم خير من يحمل الأمانة ويؤديها بحقها، فقد كانت الدعوة إلى الله هي المحرك الذي تقوم عليه حياة الصحابة، فلا تجد أحد منهم إلى وداعية حاملاً للرسالة، كيف لا وهم تربوا على يد أشرف المعلمين والمربين على مر التاريخ، وقد كان الصحابة يعلمون يقيناً عظم الأجر والثواب الذي ينالونه من الدعوة إلى الله، وأنهم بدعوتهم للأمم والقبائل إنما يؤدون الرسالة الأعظم في الإسلام، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَعَا إِلَى هَدْيٍ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مَنْ آثَامِهِمْ شَيْئا).
وقد قال الله عز وجل في الصحابة الكرام: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، فقد مدح الله عز وجل الصحابة في القرآن الكريم لحصرهم على الدعوة إلى الله بالدعوة إلى المعروف والنهي عن المنكر، ومن خلال قراءة السيرة يمكننا أن نرى الدور الكبير في حمل الرسالة ونشر الدعوة إلى الله سواء في حياة الرسول أو بعد مماته صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا في حياة الرسول خير معين وسند له على حمل الرسالة وتبليغها للناس وذلك بحماية الدعوة والرسول صلى الله عليه وسلم بالجهاد أو من خلال إرسالهم إلى الأمصار لهداية الناس، فقد بعث الله من الصحابة للملوك والشعوب داخل وخارج الجزيرة العربية لتبليغهم رسالة النبي ودعوتهم إلى الدخول في الإسلام، فها هم الصحابة من أمثال دحية الكلبي الذي أرسله الله إلى الروم وعبد الله السهمي إلى بلاد فارس وحاطب بن أبي بلتعة إلى مصر وغيرهم من الصحابة الكرام، الذين ما تقصروا للحظة من حياتهم في خدمة هذا الدين والدعوة إليه.
وقد حمل الصحابة رضوان الله عليهم الأمانة في الدعوة وتبليغ الرسالة إلى الأمم والشعوب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا خير من يحملها، فقد هاجروا في البلاد وتركوا ديارهم وتحملوا الصعاب والأذى في سبيل تبليغ الرسالة والدعوة إلى دين الله، ولم يذكر التاريخ واحداً من الصحابة قصر في تبليغ الرسالة، بل إننا نرى حرصهم الشديد على هذه الأمانة، ويظهر ذلك جلياً للناظر، فقد شهد مع النبي من الصاحبة في حجة الوداع ما يقرب من مئة ألف صحابي، في حين أن الصحابة المدفونين في المدينة لم يتجاوزا العشرة آلاف صحابي، وهذا إن دل فإنه يدل على مدى اهتمام الصحابة بهذه الأمانة العظيمة وأهميتها، وقد قال الله عز وجل في حقهم: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).
وكانت هجرة الصحابة في الأمصار لهداية الناس إلى الحق نوراً أضاءت به الأرض بعد أن أعتمتها ظلمات الجاهلية والكفر، فكان الصحابة في هجرتهم في الأمصار ودعوتهم الناس لدين الله ولاتباع الدين الحق كالنجوم التي تضيء الأرض، وكان هذا تصديقا للحديث النبوي الشريف، حيث قال صلى الله عليه وسلم في حق أصحابه رضوان الله عليهم: (أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم)، فقد كان الصحابة بهجرتهم ودعوتهم للناس دعاة وقادة وهداة، حرروا الناس من ظلم الكفر وأناروا لهم طريق الهداية والإسلام.
ولم يَفتُر الصحابة يوماً ولم تخبو عزائمهم في سبيل الدعوة، بل أزالوا عن أنفسهم كل دثار يمنعهم من أداء مهمتهم الشريفة ودورهم الجليل في التاريخ البشري، فتسلحوا بالعزيمة القوية التي تدفعهم للقيام بالأعباء المترتبة على الدعوة إلى الله، فما ضعفوا وما وهنوا بل أكملوا الطريق الذي بدأه قائدهم ومعلمهم الأول محمد عليه الصلاة والسلام في تبليغ الدعوة إلى الله ونشر الإسلام والصبر على ما يواجهونه من أعباء ومشقات في سبيل الدعوة، وقد قال الله عز وجل في كتابه مخاطباً النبي صلى الله عليه وسلم لشحذ همته وتقوية عزيمته لتحمل أعباء الدعوة: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*) وقد فهم الصحابة هذا الخطاب جيداً وتسلحوا به في سبيل تبليغ الرسالة لمختلف شعوب الأرض.
ولم تكن الفوائد التي حصلت عليها البلاد والأمصار دينية فقط، بل كانت هجرة الصحابة إليهم حاملة معها كل الخير، فقد أسس الصحابة في البلدان التي هاجروا إليها حضارات يشهد لإنجازاتها التاريخ ولا ينكرها القاصي والداني، وليست حضارة الأندلس التي أقامها الصحابة بغائبة عنا، وقد شعر أهل مختلف الأمصار التي أقام فيها الصحابة رضوان الله عليهم بعظمة هذا الدين لما وجدوه في سلوكهم وحكمهم من تطبيق للمبادئ والحقوق الأساسية التي تحتاجها كل المجتمعات الإنسانية وفي مختلف العصور، ومن ذلك المساواة والحرية والأمن والأمان والعدل والتواضع، وهذه الأخلاق التي تحلى بها وأقامها الصحابة نكاد لا نجدها في أرقى المجتمعات في يومنا هذا، وقد ساهمت هجرة الصحابة في الأمصار في دخول الناس في الإسلام أفواجا.
وما كان هدف الصحابة من الهجرة والانتشار في أمصار الأرض المختلفة دنيوي من أجل الحصول على المكاسب الدنيوية، بل كان الهدف منها نشر الدين وهداية الناس والحفاظ على حقوقهم، فقد كان حكم الإسلام يساوي بين الناس على اختلاف أشكالهم وأجناسهم في الحقوق والواجبات.
ويظهر مما سبق فضل الصحابة رضوان الله عليهم في الإسلام وكيف أنهم ساهموا بصورة لا تخفى على أحد في نشر الإسلام في أمصار الأرض وبين شعوبها على اختلاف أجناسهم وأعراقهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقهم: (إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ؛ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ؛ فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ).
والصحابة هم أولى الناس بأن يتبعهم الدعاة في الدعوة إلى الله، ومن أهم النصائح المستقاة من حياة الصحابة ومسيرتهم الدعوية إلى الله والتي يجب أن يتحلى بها الدعاة في كل زمان ومكان:
1. وضوح الغاية من الدعوة إلى الله والإيمان الحقيقي بأهمية هذه العمل العظيم.
2. اخلاص النية لله تعالى وألا يكون الهدف من وراء الدعوة إلى الله تحقيق أي مكاسب دنيوية سواء كانت عبارة عن شهرة أو جاه ومال وسلطة.
3. الاستعداد للتضحية والصبر على التحديات والتغلب على الصعاب التي تحف طريق الدعوة إلى الله.
4. التعاون والتشارك بين الدعاة في سبيل تطوير العمل الدعوي والنهضة به ليحقق أهدافه الجليلة.
5. التحلي بالأمل وبث روح الخير والتفاؤل والإيجابية في الدعوة إلى الله.
6. التحلي بالحكمة واللين في أسلوب الدعوة إلى الله فالغلظة والقسوة تنفر الناس ولا تقربهم.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
مالكة والمدير العام الصحيفة اصداء عكاظ الالكترونية أديبة وكاتبة ومنظمة فعاليات

شارك وارسل تعليق

بلوك المقالات

.

.

أخبار الدوري المصري

آراء الكتاب

آراء الكتاب 2

جمعه الخياط جمعه الخياط
صحفي في قسم مقال وقصة, رئيس مجلس ادارة شبكة نادي الصحافة السعودي التطوعية
عكس اتجاه البوصلة .
منذ 3 يوم و 2 ساعة   
عامر الخياط عامر الخياط
صحفي في قسم عربي ودولي, مدير الموارد البشرية بالصحيفة
محافظ #قلوة يهنئ المصلين ب #عيد_الفطر المبارك
2024-04-12   
تغريد احمد تغريد احمد
صحفي في قسم مقال وقصة, مراسلة ومدير قسم النشر بصحيفة اصداء عكاظ الالكترونيه
معلم اخلاق ومحبة قبل ان يكون معلم مادة
2019-07-05   
غاليه الحربي غاليه الحربي
صحفي في قسم مقال وقصة, مالكة والمدير العام الصحيفة اصداء عكاظ الالكترونية أديبة وكاتبة ومنظمة فعاليات
أكمل حياتك في المملكة "سكنك ودخلك في مكان واحد"
2024-03-30   
حسام المدير حسام المدير
صحفي في قسم صحة, المدير الفني للصحيفة ، جازان ، بكالريوس حاسب الي من جامعة الملك خالد ، نظام معلومات
صامدون صامدون..
2020-03-28   
سلوى كاملي سلوى كاملي
صحفي في قسم اخبار محلية, محررة وناشرة بصحيفة اصداء عكاظ الالكترونية/خريجة صحافة واعلام
عمدة الريث يحتفي بمدير الشرطة القرادي بمنزله بحي الملاذة
2019-12-13   
احمد جعفر احمد جعفر
صحفي في قسم افراح وتهاني, محرر وناشر بصحيفة اصداء عكاظ الالكترونية
تهنئة الزميل يحيى ابراهيم مدخلي على تخرجه من جامعة جازان فألف مبروك
2018-12-26   
يحي مدخلي يحي مدخلي
صحفي في قسم صحة, محرر وناشر بصحيفة أصداء عكاظ الالكترونية
السعودي الالماني بجدة يفتتح مركز مناظير الجهاز الهضمي والكبد
2018-11-11   
احمد دغريري احمد دغريري
صحفي في قسم مناسبات وفعاليات , مدير العلاقات العامة واليوتيوب
دكتور المليص يهنيء الوطن بيوم الوطن
2023-09-23   
علي مسملي علي مسملي
صحفي في قسم اخبار محلية, مدير تحرير صبيا ونائب مدير عام النشر ونائب مدير العلاقات العامة ومدير التحرير بصبيا في شبكة نادي الصحافة السعودي
شركة تعرض منتجات غذائية منتهية الصلاحية بنجران والتجارة تتفاعل
2021-05-27   
ايجانما اكاديمية تدريب فريق الصحيفة
صحفي في قسم تعليم, اكاديمية الصحافة الالكترونية والاعلام الجديد المسؤولة عن تدريب فريق الصحيفة
أول دبلوم صحافة الكترونية في المملكة نظمته ايجانما وتخرج منه 7 متدربين ومتدربات
2020-09-10   
جمعه ابراهيم جمعه ابراهيم
صحفي في قسم افراح وتهاني, رئيس مجلس الادارة والمدير العام
سلطان يضئ منزل الأستاذ فيصل بن علي معرجي حمدي
2021-11-11   
ميار علي ميار علي
صحفي في قسم اخبار محلية, مشرفة النشر والتنسيق _محافظة جدة
نشوب حريق.. "التجارة" تستدعي مركبة من هذا النوع
2020-10-23