الكاتب - أ.د محمد احمد بصنوي
في ظل التطورات التكنولوجية والاقتصادية المتسارعة يبرز اسم إيلون ماسك كشخصية محورية مثيرة للجدل، فهو المهندس الحالم الذي يرمي بأفكاره إلى فضاءات المستقبل، لكنه أيضًا، في أعين البعض عبارة عن شبح يسير نحو مصير غامض، فتصرفاته أشبه بالمعادلة المعقدة التي تتطلب منا تأملًا، لا يكتفي بظاهر الأحداث، فالتاريخ شاهد على شخصيات بارزة شكلت مسار البشرية، وفي كل منعطف تاريخي، يظهر اسم فرد يُساهم في إحداث تحولات كبرى، وإيلون ماسك بقوته الإقتصادية وتأثيره المتزايد، ليس استثناءً، فهل هو حقًا مجرد رجل أعمال عبقري يُريد أن يدفع البشرية نحو المزيد من التطوير والرفاهية، أم أنه جزء من مخطط وسيناريو أكبر، حيث تتداخل المصالح الخفية مع النبوءات الكارثية؟ هذا هو السؤال الذي يتردد صداه الآن بين الباحثين والمثقفين، ويزيد من إلحاحه تواتر الأحداث التي تبدو وكأنها تسير وفق خطة محكمة.
لنبدأ من تصريحات إيلون ماسك عن الذكاء الصناعي الذي وصفه بـ "أخطر من القنبلة النووية"، هذه العبارة لم تمر مرور الكرام، فقد نقلت عنه وسائل إعلام عالمية مراراً هذا التصريح، وتحدثت عن مخاوفه من أن الذكاء الإصطناعي قد يشكل خطرًا وجوديًا على البشرية، إذا لم يتم التحكم به بالصورة الصحيحة، فهل كان هذا التحذير عبارة عن جرس إنذار نبيل، أم مجرد ستار لمرحلة مقبلة من التحكم، قد تُبنى تحت ذريعة "حماية البشرية".
وعندما حدثت أزمة كورونا التي أدت لتحولات غير مسبوقة في الإقتصاد والسلوك البشري حول العالم، لم يقف إيلون ماسك متفرجًا، بل شهدت هذه الأزمة دخول "ماسك" في مجالات تبدو بعيدة عن عالمه التكنولوجي المعتاد، مثل الإستثمار في شركات اللقاحات وفقًا لوول ستريت جورنال، وهذا يطرح تسائلاً آخر مشروعًا: هل دخول "ماسك" في إنتاج اللقاحات مجرد استغلال لفرصة اقتصادية، أم أن هناك ربطًا خفيًا بين هذه التحولات الكبرى وتحركاته؟
والأكثر من ذلك ما تناقلته وكالات الأنباء مؤخرًا عن شراء "ماسك" ملايين الأمتار من الأراضي الزراعية في الهند، مما أثار الكثير من الجدل، فأي استثمار ضخم في قطاع الغذاء من قبل شخصية بهذا الحجم يمكن أن يثير الشبهات والريبة والشك، خاصة مع تزامن هذه الإستثمارات مع أزمات متتالية في سلع أساسية كالبصل والزيت والأرز، فهل هذا محض صدفة أن يستثمر أحد أكثر رجال العالم نفوذًا في مزارع ضخمة، ثم نجد أنفسنا أمام تحديات غير مسبوقة في سلاسل الإمداد الغذائي؟ فمن الطبيعي أن العقل البشري يربط بين هذه الأحداث، ومع تكرار الصدف بهذا الشكل، يتحول الربط بين الأحداث إلى سؤال مشروع عن النوايا الخفية من الإستثمار في هذا القطاع من شخصية بهذا الحجم.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فمع الحديث المتزايد عن "التغيرات المناخية" وتأثيرها على إنتاج الغذاء، بدأت تتصاعد دعوات عالمية لتقليل استهلاك اللحوم، ومن ثم التحول إلى البروتينات البديلة، سواء كانت نباتية مصنعة أو حتى مستخلصة من الحشرات، والتوجه نحو "الشبيهات" من الجبن واللبنة والقشطة، التي بدأت تغزو الأسواق، ما هو إلا جزء من هذا المشهد، هذا التوجه، يطرح سؤالًا جوهريًا: هل هو خيار طوعي مبني على قناعات بالحفاظ على البيئية والصحة بصورة حقيقية، أم أنه محاولة لإحداث تغيير جذري في النمط الغذائي البشري ؟ يبدو الأمر وكأن هناك محاولة ممنهجة لإزاحة الأصيل واستبداله بالبديل، ليس بالضرورة من باب التطور، بل قد يكون من باب التحكم في الموارد وتقليص التكاليف، مع تداعيات صحية واقتصادية لم تتضح مخاطرها بعد.
ويبقى السؤال مُعلقًا يبحث عن إجابة: هل إيلون ماسك مجرد رائد أعمال طموح، يرى الفرص ويحقق الثروة والتأثير؟ أم أنه جزء من منظومة أوسع، تعمل على تشكيل مستقبل البشرية بطرق قد تكون غير مرئية أو مفهومة للغالبية؟ إن قلقك هذا ليس فرديًا، بل هو صدى لمخاوف تتنامى في أوساط واسعة من المثقفين والباحثين بسبب تسارع الأحداث وتداخل المصالح ما يستدعي وقفة تأمل عميقة.
وأخيرًا وليس آخرًا في النهاية، فالتاريخ يعلمنا أن الحقيقة نادرًا ما تكون على سطح الأشياء، وأن الشخصيات المثيرة للجدل بهذا القدر غالبًا ما تكون مُحاطة بأكثر مما هو معلن ، فهل نحن أمام مخطط حقيقي لمصائب قادمة لتحقيق أهداف لم تضح بعد، أم أننا نبالغ في ربط الصدف بالأسباب، في عالم يتسم أصلاً بالتعقيد والتغير المستمر؟ الإجابة قد لا تكون سهلة، لكن البحث عنها يبقى ضرورة ملحة.
.jpg)

.jpg)

.jpg)

.jpg)
.jpg)




.jpg)

.jpg)
.jpg)










































.jpg)


.jpg)
.jpg)