قبل خمسة وثلاثون عام كنت طالب في المتوسطة واشرف علينا معلمين افاضل نعزهم ونقدرهم ادوا واجبهم ورسالتهم على الوجه الأكمل .. غادر بعضهم ونحن في فصول الدراسة وبقي البعض الأخر في أحد سنوات المرحلة المتوسطة، ومع بداية العام الدراسي قدم معلم من الأردن الشقيقة وخلال هذا العام استطاع أن يسكن قلوب جميع من بالمدرسة وبمراحلها الثلاث معلمين وطلاب واداريين ..
حقيقة هذا المعلم الفاضل لم يبرح ذاكرة جميع من تشرفوا بالتعلم منه ولا من زاملوه في احد الايام القريبة كنت اتصفح اخبار محافظة عفيف في موقع التواصل الاجتماعي تويتر ولفت نظري عنوان دبلوماسي سعودي يلتقي بمعلمه واثناء قراءة الخبر وإذا هو نفس المعلم ، ومن محاسن الصدف وجدت حسابه في تويتر ، كان حسابه بمثابة الهدية التي لا تُقدر بثمن ، كنا نتساءل أنا ومجموعة من الأخوة الذين زاملوني دراسياً هل مازال بإمكاننا البحث عن وسيلة توصلنا به ؟ هل تتوقعون أنه مازال يذكرنا ؟ وبعد العثور على حسابه في تويتر ارسلت له سلامي وتحياتي وأنني أرغب بالتواصل معه .. وبكل الحب وكما عرفته قبل خمسة وثلاثون عاما رد على بكلمات المعلم الفاضل والأنسان الذي فرض حبه ورسخ ذكراه فينا ؛ على الرحب والسعة اخي مصحوبة كلماته برقم هاتفه ..
تخيلت المدة التى تفصل بين أخر عام كان فيه معلمي وهو أخر لقاء بيننا وبين هذا اليوم إنها خمسة وثلاثون عام لم يتخللها حديث او لقاء كنت وقتها طالب شاب واليوم أوشكت على إنهاء نصف قرن من العمر .. تواصلت معه هاتفياً بعد السلام والسؤال عن صحته عرفته بنفسي أنا أحد طلابك في متوسطة الجمانيه ولم يدعني اكمل التعريف اعرفك واعرف اخيك ، لازلت احتفظ بذكريات مدرستنا الجميلة مدرسة الجمانيه .. حقيقة احسست بفخر أن معلمي الذي احببته واحتفظت باسمه في ذاكرتي حتى هذا الوقت لازال يذكرني ويحتفظ بذكريات دراستي قبل اكثر من ثلاثة عقود من الزمن .. قبل انهاء المكالمة بادرني بالسؤال هل عندك واتساب عندي صور احببت ان تشاهدها .. اجبته بنعم .. بعد المكالمة ارسل لي صورنا في المدرسة وفي رحلات برية.. بعد وصول الصور وضعتها في الحالة على الواتس اب ولم اكن اتوقع أن تلفت الانتباه بشكل اكبر من المتوقع .. جميع من درسهم هذا المعلم علقوا على صورته واشادوا به ودعوا له .. عندها علمت أن هذا الحب لم يكن منى فقط بل انه من الجميع لهذا الشخص وقد حباه الله بالمحبه والتقدير حتى وهو غائب عنهم كل هذه المدة الملفت للنظر ان هذه الصورة فيها اكثر من اربعة مدرسين كلهم لهم الحب والاحترام لكن الجميع اثنى وعلق على صورة هذا المعلم فقط .. والأكثر غرابة ان بعض زملائنا الطلاب لم نتعرف عليهم لقدم الصورة وتغيرهم بحكم السنين وهو لازال باقي في اذهاننا كما هو لم يتغير.
ما دعاني لكتابة هذا الكلام ليس لانني التقيت بمعلمي بعد سنوات بل هو ان المعلم قد يكون مؤثر في الاجيال بخلقه وبحسن تعامله ويصبح مثل وقدوة.. وأن التأثير والتعليم لم يكن مرتبط بمنهج او ماده فقط يشرحها لمدة خمسة واربعون دقيقة وبعدها ينصرف بل تكون بأثر ايجابي يتركه في طلابه كما فعل هذا المعلم لن تكفيه منى او من اي طالب كلمات ثناء او قبلة على جبينه لإن ماتركه فينا من اثر ايجابي لا يعادله شئ إنه المعلم الفاضل الحبيب رشاد جاسر.
الكاتب - مسلط جدي الغفيلي - عفيف