.

السبت, 02 فبراير 2019 03:00 مساءً 0 1581 0
محمد بن شحات الخطيب رائداً تربوياً
محمد بن شحات الخطيب رائداً تربوياً

محمد بن شحات الخطيب رائداً تربوياً
أ.د. صابر جيدوري
أستاذ أصول التربية بجامعة طيبة
يُعدّ محمد بن شحات الخطيب رائداً من رواد العمل التربوي في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج العربي، وهو واحد من القلائل الذين تأتي كتاباتهم محل الصدارة بين المفكرين التربويين الذين يعتد برأيهم. 
ولد الخطيب في المدينة المنورة سنة 1374ه (1954م) في أسرة متوسطة الحال، كان أبواه حريصين كل الحرص على حسن التربية داخل الأسرة، ومع أنها كانت تربية متشددة إلا أنها كانت تميل إلى النمط الحضاري أكثر منه إلى النمط التقليدي، وهي سمة كانت ملازمة لمعظم أهالي المدينة خلال ذلك كما يقول الخطيب في سيرته الذاتية، حتى إن الكبار من الجيران وغيرهم كان يحق لهم المشاركة في التربية والتوجيه والإرشاد.
تأثر الدكتور الخطيب في بيئة المدينة المنورة الإسلامية، فنال قسطًا وافرًا من التعليم الديني والتحق بالكتاتيب لفترة قصيرة للاستزادة من العلم والمعرفة، كما كان لتعليمه الابتدائي في مدرسة سعيد بن معاذ الابتدائية بالمدينة المنورة أثر كبير في نشأته العلمية واللغوية، وكذلك دراسته في مدرسة عمر بن الخطاب المتوسطة التي تتميز بحسن انضباطها ومهارات إدارييها.
أما الدراسة في ثانوية طيبة، فقد عدّها الخطيب مفخرة من مفاخر التعليم السعودي العام برمته، لا سيما أنها احتوت جمع كبير من المربين السعوديين والعرب، وكانت الدفعة التي كان فيها طالبًا في الصف الأول ثانوي بمدرسة طيبة الثانوية هي آخر دفعة تتلقى دراسة اللغة الفرنسية إلى جانب المواد الأخرى. ثم انتقل إلى ثانوية أُحد ليكون من بين أول فوج تم تخرجه منها عام 1392ه. ثم التحق بكلية التربية بمكة المكرمة، إذ كان المعلمون في ذلك الوقت يمثلون مجتمع الصفوة الأول في البلاد. ثم عمل بعد التخرج من الجامعة معلمًا ووكيلًا لمعهد المعلمين الثانوي بالمدينة المنورة، ثم حصل على وظيفة معيد بجامعة الرياض (الملك سعود حالياً)، ثم تم ابتعاثه لدراسة الماجستير والدكتوراه إلى الولايات المتحدة الأمريكية. 
حصل على درجة الماجستير من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس في علم الاجتماع التربوي عام 1981م، كما حصل على الدكتوراه في الأصول التربوية فرع التربية المقارنة عام 1985 من جامعة جنوب كاليفورنيا. ثم عاد للعمل مع بداية عام 1406ه كأستاذ مساعد في جامعة الملك سعود. وفي عام 1409ه حصل على رتبة أستاذ مشارك، ومن ثم على رتبة أستاذ عام 1414ه. كما حصل في العام نفسه على جائزة مكتب التربية العربي لدول الخليج عن كتابه الأصول العامة للتعليم الفني والمهني بجزأيه.
ثم عمل مديرًا لمركز البحوث بكلية التربية في جامعة الملك سعود، ومن ثم عميدًا لكلية التربية بها، ورئيسًا للجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية. وخلال هذه الفترة قام بإعداد عشرات البحوث العلمية، وشارك في العديد من الهيئات واللجان الوطنية والدولية، وقدم عشرات المشروعات العلمية.
وفي عام 1420/ 1421ه تمت إعارته إلى سمو وزير الخارجية للإشراف على مدارس الملك فيصل، التي قام خلالها بإدخال نظام البكالوريا الدولية لأول مرة في البلاد بعد العديد من المناقشات مع أصحاب القرار. واستمر في العمل بالإعارة المذكورة لمدة تزيد على أحد عشر عاماً، شهد خلالها تخريج أول دفعة في تاريخ المملكة بشهادة دبلوم البكالوريا الدولية بنجاح تام، إذ كانت تلك الدفعة تحت إشرافه الخاص ومتابعته الشخصية، وكان راغباً في إثبات أن الطالب المواطن يمكن أن يحقق إنجازات كبيرة، وينافس أقرانه من البلدان الأخرى، إذا ما تحققت له العناية الكافية.
بعد ذلك انتقل للعمل بجامعة طيبة بالمدينة المنورة وعين رئيسًا لقسم أصول التربية، ورئيسًا لقسم تعليم الكبار والتعليم المستمر، ثم عميدًا لكلية التربية، وخلال هذه الفترة قام بنشر عشرات الأبحاث العلمية والكتب، التي تزيد على40 كتابًا ومائة بحث علمي، غطت في مجملها موضوعات مهمة عن التعليم العالي، والعولمة، والمجتمع، والتعليم الفني، وأصول التربية الإسلامية، بالإضافة إلى تأسيس أول برنامج للبكالوريا الدولية في المدينة المنورة في مدارس الملك عبد العزيز الأهلية عام 1434/1435ه.
الرؤى التربوية للخطيب:
كثيرة هي الرؤى التربوية التي توصل إليها محمد بن شحات الخطيب في حياته المهنية، والتي يأتي الكثير منها مواكبًا لسياق الحداثة وما بعدها، وضروريًا للتربية العربية عمومًا للسير خطوة باتجاه التقدم والتطور، والمشاركة الفعّالة في عملية التنمية الشاملة. نذكر منها: 
1- تأكيده على مهارات التفكير الناقد:
يؤكد الخطيب على ضرورة أن تسعى مؤسسات التربية والتنشئة إلى تدريب الناشئة على التفكير الناقد، وعلى طرح البدائل والخيارات وحل المشكلات؛ لأن الإنسان الحر لا يجوز أن يكون إمّعة، ولا يجوز أن تُرسخ مؤسسات التربية والتنشئة النزعة الإمعية لديه؛ لأنها سمة الحمقى والمغفلين، والإنسان الحر لا يكون أحمق أو مغفلًا. كما إن الإمعية دليل على تغلغل سمات الخنوع والاستكانة والذلة والهوان والتراجع والتقهقر، وهي ليست من سمات الحرية عند المخلوق، والله الخالق خلق الناس أحرارا ولم يخلقهم مستعبدين لأحد سواه.
وعليه فإن على التربية العربية، كما يؤكد الخطيب، أن تُحجم عن اغتيال العقول والنفوس، وتعبئتها بما تشاء من أفكار واتجاهات وقيم دون أن تعي ذلك وعيًا حرًا، لأن هدفها ينبغي أن يكون تكوين فكر واع يملك القدرة الذاتية على تمييز الحق من الباطل.
أما وسائل تكوين هذا الفكر النقدي فكثيرة، منها: تدريب النشء على أساليب الحكم الصحيح والمحاكمة السليمة، واهتمام مناهج التعليم وطرائقه بتدريب الطلاب على مناهج اكتشاف المعرفة والحقائق العلمية، بدل أن نقدم لهم المعرفة جاهزة.
2- تأكيده على البحث العلمي:
وذلك من خلال دعم البحث العلمي من جميع مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية، بل حتى من المؤسسات الخارجية عند الضرورة. وينبغي أن يوظف البحث العلمي لمعالجة المشكلات السائدة في المجتمع أولا وفي جميع الميادين. وفي الوقت نفسه لا بد من تدريب الباحثين (ذكورًا وإناثًا) على البحث العلمي في البيت والمدرسة والمسجد والإعلام والأندية وغيرها، فضلا عن المعاهد والجامعات والمراكز العلمية بأنواعها، ويجب تشجيع حركة البحث العلمي بالمال وبالتقدير الإداري والاجتماعي. 
كما لا بد أن يكون من شروط تقويم أداء الدارسين والدارسات في جميع مستويات التعليم، تمكنهم من مهارات البحث العلمي نظريًا وعمليًا، وتوضع لذلك التنظيمات اللازمة. أما التدريب على طرائق البحث العلمي ومناهجه، فمهمة موصولة لا بد أن تستمر في مراحل الدراسة جميعها، ولا بد أن تتم عن طريق ممارسة البحث العلمي ممارسة فعلية. 
3- تأكيده على قيمة العمل:
يقول الخطيب: "لا يبلغ الإنسان ما يرغب فيه بالأمل أو التمني، فتلك سمة البسطاء أو الكسالى، فلا يمكن لشيء أن يتحقق دون كد وسعي وعمل". قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ (التوبة: آية: 105(. وروح العمل كالروح العلمية، قيمة أساسية من قيم الحضارة الحديثة، وإن العمل رهن بجودته، والجودة لا تتحقق مهما ادعاها من يدعيها إلا بالإخلاص والدقة والموضوعية، وحسن الصلة بالعاملين، وإعطائهم حقوقهم غير منقوصة، وتقدير المبدعين منهم، والبعد عن الحسد والغيرة، أو الخوف من تقمصهم منزلة أعلى.
ويندرج تحت هذا السياق حب العلماء والخبراء، وتهيئة أسباب النجاح لهم، وإراحتهم من عناء شتات الفكر في المادة وفي التقدير، فلا يجوز أن يساء إليهم، ولا بد من الأخذ على يد من تسول له نفسه اتهامهم، أو التحريض عليهم من العامة أو الخاصة على السواء، على أن يندرج تحت هذه الكوكبة من الناس جميع أهل العلم بكل اختصاصاتهم، دون تفريق بينهم، فبهذا يسمو المجتمع ويتحدث.
4- تأكيده على التعايش والتسامح:
يؤكد الدكتور الخطيب في سياق كتابه "رسالة إلى العالم"، الذي أعده بمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 1434هـ على تبيان وجهة نظر الدين الإسلامي فيما يتصل بتكوين روح التعايش والتسامح، وما يلحق بها من نبذ العصبية والتعصب، فالتعايش مع الآخرين ضرورة من ضرورات البقاء، وإن الاختلاف في الدين أو العادات أو التقاليد لا يبرر إلغاء الآخر وإقصاءه، ولا بد من أن يكون هناك حوارات لأهل الديانات ليس من أجل تقريظها، ولكن من أجل إحداث التكامل فيما بينها، وتصحيح المفاهيم الخاطئة حولها، وحول شخصياتها، وحول رموزها، والوقوف صفًا واحداً أمام المعتدين الذين يسيئون إلى الدين أو أشخاصه أو رموزه من الأوائل، كالأنبياء والمرسلين، أو من المتأخرين من علماء الدين، ومن هو في حكمهم من الرجال والنساء على السواء.
إن حوار الأديان والتعايش فيما بين أصحابها وسيلة جوهرية فعّالة في الوقوف أمام التيارات المادية التي تعصف بالبشرية، ومعظمها تيارات فاسدة ذات نزعات مادية وسياسية سادية هدفها الهيمنة على الثقافة بخصوصياتها وعموميتها، من أجل إحلال بدائل ثقافية جديدة تلفظ التراث والتاريخ، وتضيع الهُويات القومية والوطنية، وتقتلع الشعوب من جذورها، ويكون الدين تبعًا لذلك مجرد طقوس شكلية تؤدى هنا وهناك، دون اعتبار لتعاليم السماء التي هي أيضًا سبب لإحقاق الحقوق، والإبقاء على الإنسانية على الأرض، وإلا فما جدوى الحياة، إن لم يكن فيها تعارف وعبادة للرحمن، فما خلق الله الجن والإنس إلا لعبادته.
وهنا يؤكد "الخطيب" على دور التربية، ليس فقط عن طريق ما تقدمه من توعية بمخاطر العصبية والروح القبلية، بل يتم قبل ذلك عن طريق جعل التسامح والحوار والتفاعل منطلق العلاقات القائمة في المدرسة بين الإدارة والطلاب، وبين الطلاب والمعلمين، وبين الطلاب والطلاب... فضلا عن استخدام طرائق تربوية جماعية مشتركة، كالعمل في فريق، وكاللجوء إلى "طريقة المشروعات"، وسواها من طرائق العمل المشترك التي تدرّب الطلاب على الترابط والتضامن، والتفاعل، والحوار، والتسامح، والقضاء على روح العصبية وروح الكره للآخرين.
5- موقف الخطيب من المرأة:
يؤسس الدكتور الخطيب موقفه من المرأة على حديث الرسول صل الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال)، فالمرأة في نظره مخلوق مكافئ للرجل، ولا يوجد أي مبرر لأن يتم تناول هذه المسألة بشكل يقلل من أمر المرأة أو ينقصها قدرها وحقها، غير أن الناس بسبب جهلهم وأهوائهم أخذوا مواقف سلبية من المرأة دون أن يعوا كيف أعلى الإسلام من شأن المرأة، وحفظ لها حقوقها كافة. وقد حدد الخطيب المشكلة في معاملة النساء على النحو الآتي:
• جهل بعض الناس، من الذكور تحديداً، بفهم المرأة، وعدم قدرتهم على تخصيص جزء من عقولهم ووقتهم لهذا الفهم.
• لا يزال كثير من الرجال في كل مكان، حتى في الأمم التي لديها أسباب التفوق والغلبة، ينظرون إلى المرأة نظرة دونية، وهم يتعاملون معها على هذا الأساس كلٌّ فيما يراه محققًا لنزواته ورغباته، وأفكاره المنقوصة.
• احتواء الفكر الذكوري على العديد من الدوافع المقيتة التي تجعل الرجال يقللون من شأن النساء.
• يَدَّعي بعض المتشددين خوفهم على النساء، مع أنهم الأكثر شدة في إنقاص قدر المرأة، وتكوين الصور النمطية عنها، فضلاً عن قيام بعضهم باستغلال المرأة، وسلبها قيمتها الاعتبارية بصور شتى.
• يتم في أغلب الأحيان تصنيف المرأة على أنها للبيت بكل ما يجري فيه، وبذلك تخلى الأزواج الرجال عن واجباتهم البيتية الأخرى، ومن أهمها التربية والتنشئة السوية، فنشأ تبعًا لذلك أجيال لديها نقص حاد في المقومات والمبادئ والمثل والقيم.
• ينظر كثير من الأزواج الرجال إلى أن المرأة على أنها مجرد آلة للتفريخ، وهم لا يعيرون زوجاتهم ما يستحقنَّه من العناية والرعاية خلال فترات الحمل والولادة، وما بعد الولادة، هذا فضلًا عن مشكلات شتى في طريقة التواصل الجنسي، والتعامل العاطفي في مختلف الأوقات، وفي معظم المواقف.
• يتسم كثير من النساء بدرجات عالية وحادة من الغيرة، حتى أصبحت هذه مشكلة جوهرية في النشأة، وليست في أصل الخلقة كما يدعي البعض، وهذه الغيرة قد تتسبب في ويلات كثيرة جدًا للمرأة نفسها، وللمجتمع بأسره، ما لم تخضع لأرقى أساليب الإعداد والتأهيل والتربية والتنشئة الاجتماعية.
• هناك مصاعب شتى في تعامل النساء مع بعضهن البعض، وعادة فإن المرأة لا تتقبل المرأة الأخرى بسهولة، وهذا مصدره الخلل في التربية والتنشئة كذلك. وتفضل النساء التعامل مع الرجال على التعامل مع نظائرهن من النساء.
استناداً لما سبق، يؤكد الخطيب على ضرورة أن تعمل المؤسسات التربوية (النظامية وغير النظامية) على مواجهة النظرة السلبية للمرأة، وتعريف المجتمع بمكانتها الحقيقية، ودورها في عملية التنمية المجتمعية، وبخاصة الأدوار التي تتناسب وطبيعتها الفيزيولوجية، فالمرأة نصف المجتمع، وعلى كاهلها تقع الكثير من المسؤوليات الجسام.
6- موقف الخطيب من العولمة:
يرى الخطيب أن كثيرًا من الناس في المجتمعات التقليدية لديهم مخاوف حادة من العولمة، ويغيب عن أذهانهم أن العولمة ليست سوى عمل بشري، والعمل البشري إن كان سلبيًا لابد أن يقابله عمل بشري مضاد أو مكافئ له في التأثير، وليست المسألة مسألة ندب حظ أو تباكي أو خوف وإثارة، بل المسألة كذلك مسألة عمل وجد وكفاح، وهو أمر لم يتقنه كثير من الناس بعد.
فالظالم سوف يمضي في ظلمه ما لم يجد من يردعه، والقتل المعنوي الذي يحدث للبشر من البشر بفعل تصرفاتهم وأفكارهم المشينة أشد فتكًا وخطرًا من العولمة، حتى وإن كانت درجة الاعتقاد في مخاطر العولمة تفوق الوصف. ومن هذا المنطلق ينظر الخطيب إلى العولمة من خلال الرؤية الآتية:
العولمة تطور طبيعي للبشرية، لكن أن يتحكم بهذا التطور من لا يملك أخلاقيات التغيير الإيجابي فإن هذا دليل ضعف، ودليل استكانة عند الذين يظنون أنهم يمتلكون هذه الأخلاقيات. فعندما تقوم النظم الثقافية بقولبة الفكر المحلي ونمذجته وتنميطه، فإن ذلك مدعاة لصناعة السذاجة والبلاهة والسطحية عند العامة والخاصة على السواء، ذلك أن من يحجر على الفكر أن يتطور يقع فريسة للإذلال والسخرية هو ومن يتشدق به أو يقود إليه. 
وفي الوقت نفسه يجد هؤلاء في الفكر الدخيل فرصة للهروب أو التراجع والنكوص حتى عن المسائل الأصلية في بعض الأحيان، فالفكر السطحي أو المتشدد يتسبب في حالات التمرد والتبعية والانقياد لما هو غير محلي، وهنا تجد أفكار العولمة مدخلًا واسعًا تمر منه إلى كل زاوية من زوايا الناس ومجتمعاتهم، ولا يقوى هؤلاء أو أفكارهم على المقاومة.
ومن ثَمَّ فإن العولمة ليست ظاهرة حديثة كما يظن كثيرون، بل هي قديمة، وإنما اختلفت أدواتها، وتقنياتها، وبرامجها، وأولوياتها فقط، فقد استخدم الاستعمار للأمم والشعوب تأثيرات عولمية لا يمكن نسيانها أو تجاهلها، كما أن الاستعمار نفسه أخذ اليوم شكلًا جديدًا، ولبس عباءة مختلفة، وأصبحت أهدافه أكثر وأمضى أثرًا.
يمكن للأقوياء فرض أفكارهم في الظاهر على الضعفاء، ولكن الضعف الخارجي لا ينبغي أن ينطوي على ضعف داخلي، ذلك أن الحصانة الذاتية يمكنها أن تقاوم في الباطن ما لا يظن الناس أنها قادرة عليه. فضلًا عن أنه من واجب الأمم الضعيفة أن تجد لنفسها مدخلًا للاتحاد من أجل الوقوف في وجه المتسلطين، لأن الأمة التي لا تقف إلى جانب الحق سيأتيها الظلم مثلها في ذلك مثل غيرها، فإذا كان الاعتداء فكريًا وجب أن يقارع الفكر بالفكر، وإذا كان ماديًا وجب أن تقارع المادة بالمادة، فإن الله لا يظلم أحدًا، كما أنه سبحانه وتعالى وضع لكل شيء ما يقابله، فلا توجد قوة مطلقة عند البشر أبدًا، ولا يمكن أن توجد.
ويؤكد الخطيب أن عموم الصلاح يقتضي الوقوف في وجه جميع الأفكار المنحرفة، سواء أكانت عولمية أم غير عولمية. فمثلاً لا يجوز في شرع الله أن يتم الإجماع على إتيان الفواحش بأنواعها، أو تذليل المصاعب أو العراقيل التي تقف ضد الباطل، أو سد الطرق أمام إحقاق الحق، فجميع نواميس الكون وأشكال الحياة فيه تؤكد وجود الخالق جل في علاه، وإذا كان الأمر كذلك فإن الله سبحانه وتعالى قادر دومًا على أن يبدل من حال إلى حال، وأن يقلب القلوب كيف يشاء، فليست العولمة ذات قدرة خارقة، لكن البسطاء من الناس إذا أكثروا الخوض في موضوع بسيط جعلوا منه شيئًا عظيمًا.
وعليه فإن من واجب جميع مؤسسات التربية والتعليم والتنشئة أن تسعى نظريًا وعمليًا إلى تثقيف الناس، صغارهم وكبارهم، بالمفاهيم والأفكار، وألا يتم اللجوء إلى التسييس أو التسطيح والإخفاء؛ لأن ذلك يصنع الخور والاستسلام، وفقدان الثقة بالذات وبالآخر، وأكبر مصيبة بشرية هي أن يفقد الناس ثقتهم بأنفسهم.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
محمد بن شحات الخطيب رائداً تربوياً أ.د. صابر جيدوري أستاذ أصول التربية بجامعة طيبة

محرر الخبر

الدعم الفني
مسؤول الدعم الفني للصحيفة
مسؤول الدعم الفني للصحيفة

شارك وارسل تعليق

أخبار مقترحة

بلوك المقالات

.

.

أخبار الدوري المصري

آراء الكتاب

آراء الكتاب 2

ميار علي ميار علي
صحفي في قسم اخبار محلية, مشرفة النشر والتنسيق _محافظة جدة
نشوب حريق.. "التجارة" تستدعي مركبة من هذا النوع
2020-10-23   
تغريد احمد تغريد احمد
صحفي في قسم مقال وقصة, مراسلة ومدير قسم النشر بصحيفة اصداء عكاظ الالكترونيه
معلم اخلاق ومحبة قبل ان يكون معلم مادة
2019-07-05   
غاليه الحربي غاليه الحربي
صحفي في قسم اخبار محلية, مالكة والمدير العام الصحيفة اصداء عكاظ الالكترونية أديبة وكاتبة ومنظمة فعاليات
الاحتفال السنوي لصحيفة شبكة نادي الصحافة الإلكترونية
2024-09-09   
حسام المدير حسام المدير
صحفي في قسم صحة, المدير الفني للصحيفة ، جازان ، بكالريوس حاسب الي من جامعة الملك خالد ، نظام معلومات
صامدون صامدون..
2020-03-28   
سلوى كاملي سلوى كاملي
صحفي في قسم اخبار محلية, محررة وناشرة بصحيفة اصداء عكاظ الالكترونية/خريجة صحافة واعلام
عمدة الريث يحتفي بمدير الشرطة القرادي بمنزله بحي الملاذة
2019-12-13   
احمد جعفر احمد جعفر
صحفي في قسم افراح وتهاني, محرر وناشر بصحيفة اصداء عكاظ الالكترونية
تهنئة الزميل يحيى ابراهيم مدخلي على تخرجه من جامعة جازان فألف مبروك
2018-12-26   
يحي مدخلي يحي مدخلي
صحفي في قسم صحة, محرر وناشر بصحيفة أصداء عكاظ الالكترونية
السعودي الالماني بجدة يفتتح مركز مناظير الجهاز الهضمي والكبد
2018-11-11   
احمد دغريري احمد دغريري
صحفي في قسم مناسبات وفعاليات , مدير العلاقات العامة واليوتيوب
دكتور المليص يهنيء الوطن بيوم الوطن
2023-09-23   
علي مسملي علي مسملي
صحفي في قسم اخبار محلية, مدير تحرير صبيا ونائب مدير عام النشر ونائب مدير العلاقات العامة ومدير التحرير بصبيا في شبكة نادي الصحافة السعودي
شركة تعرض منتجات غذائية منتهية الصلاحية بنجران والتجارة تتفاعل
2021-05-27   
ايجانما اكاديمية تدريب فريق ااكاديمية
صحفي في قسم تعليم, اكاديمية الصحافة الالكترونية والاعلام الجديد المسؤولة عن تدريب فريق الصحيفة
أول دبلوم صحافة الكترونية في المملكة نظمته ايجانما وتخرج منه 7 متدربين ومتدربات
2020-09-10   
مرام محمد مرام محمد
صحفي في قسم افراح وتهاني, منسقة ومسوقة وناشرة الصحيفة
سلطان يضئ منزل الأستاذ فيصل بن علي معرجي حمدي
2021-11-11   
ميار علي ميار علي
صحفي في قسم اخبار محلية, مشرفة النشر والتنسيق _محافظة جدة
نشوب حريق.. "التجارة" تستدعي مركبة من هذا النوع
2020-10-23