لايهلككم نصف الصهريج .

استوقفني مشهد احدهم وهو يصب المتبقي من (وايت الماء) الذي يحمله فسألته ماذا بك تهدر الماء في الشارع؟!
فضحك وقال ياأخي (الماء المتبقي لزبون طلب ماء وامتلى خزانه وبقي نصف الصهريج) فاضطررت أن اصرفه لأنه يقلب السيارة..
فتذكرت أن أغلب مصائبنا فعلا هم الانصاف..
*يصعد المنابر بعض انصاف التعليم ظنا منه أنه عالم فيكفر من يريد ويوجه من يريد (لوجود نصف علم)
* يظهر كمرشد صحي ويملأ الصحف بالنصائح الطبيه من لدية (نصف علم) عن مجال تخصص صحي.
*يرتقي التدريب ويُسمي نفسه مستشار تدريب لمن حصل على شهادة برسوم (٣ايام) ثم سدد الرسوم ليعلن أنه مستشار تدريب (ولديه نصف علم عن التدريب)..
*يتصدر المجالس من لدية ملكة الإلقاء  و(نصف تعليم) ليظهر للناس كمُوجه وناصح..
وكثير من (انصاف العلم) من أهلكونا بزود علمهم وماعَلِمُوا أنهم ماأُوتوا من العلم إلا قليلا..
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)
قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله - هو ابن مسعود رضي الله عنه - قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث في المدينة ، وهو متوكئ على عسيب ، فمر بقوم من اليهود ، فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح . فقال بعضهم : لا تسألوه . قال : فسألوه عن الروح فقالوا يا محمد ، ما الروح ؟ فما زال متوكئا على العسيب ، قال : فظننت أنه يوحى إليه ، فقال : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )
فقال بعضهم لبعض : قد قلنا لكم لا تسألوه .
وهكذا رواه البخاري ومسلم من حديث الأعمش ، به . ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية ، عن عبد الله بن مسعود قال : بينما أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث ، وهو متوكئ على عسيب ، إذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح ، فقال : ما رابكم إليه . وقال بعضهم : لا يستقبلنكم بشيء تكرهونه . فقالوا سلوه فسألوه عن الروح ، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا ، فعلمت أنه يوحى إليه ، فقمت مقامي ، فلما نزل الوحي قال : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) الآية .

فليترك الانسان التملق.. وحب الظهور ولو على معلومة خطأ أو نصف معلومة.. (ليُحارب ويجادل على صحتها) ولو على حساب أن ينقلب على رأسه (كما لو لم يفعل صاحبنا سائق الصهريج الذي تخلص من انصاف الماء الذي سيُخسِره مصدر رزقه وحياته) 
فلنتخلص من (انصاف التعليم والمعلومات، حتى لايصدقهم الجاهل ويَحِلُوا محل العلماء.. 

بقلم أ / عوض بن صليم القحطاني 
كاتب واعلامي سعودي 
(أخصائي اجتماعي ومدرب تنمية بشرية)